باول: نيات العراق كانت كافية للغزو

 

نيويورك، واشنطن، الخُبر (السعودية) - راغدة درغام، سلامة نعمات، سعود الريس     الحياة     2004/02/4

دافعت واشنطن ولندن بشدة عن قرارهما شن الحرب على العراق, بعدما تضخمت فضيحة "أخطاء" تقارير الاستخبارات في تقويم خطر أسلحة الدمار الشامل العراقية إلى الحد الذي ارغم الرئيس جورج بوش على تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في تلك الأخطاء. وبعد ساعات على قراره, اقتدى به أمس حليفه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير, لكن هذه الخطوة لن تشمل النظر في اتهام حكومته بـ"التلاعب" بالتقارير الاستخباراتية, ما يعفيها من المحاسبة.

وفيما كان الرئيس بوش مجتمعاً في البيت الأبيض مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان, لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين واشنطن والمنظمة الدولية, شدد وزير الخارجية الأميركي كولن باول على أن الولايات المتحدة كانت ستغزو العراق في كل الأحوال بسبب "نياته" وقدرته على صنع أسلحة. وسعى الوزير إلى تطويق فضيحة "أخطاء" الاستخبارات قائلاً إن نظام صدام حسين "كانت لديه نيات ومقدرة, وكانت هذه مخاطرة شعر الرئيس (بوش) بأننا لا نستطيع تحملها, وكان شيئاً (قرار الحرب) وافقنا عليه جميعاً, وسنقره على الأرجح مجدداً, في ظل أي مجموعة ظروف أخرى مماثلة".

وكانت صحيفة "واشنطن بوست" نقلت عن الوزير باول قوله انه لا يعرف هل كان سيدعو إلى شن الحرب على العراق لو قيل له ان هذا البلد لا يملك أسلحة دمار شامل.

إلى ذلك, أفادت وكالة "اسوشييتد برس" أن أنان أبلغ بوش أمس, ان المنظمة الدولية سترسل فريقاً إلى العراق للمساعدة في عملية نقل السيادة إلى العراقيين قبل 30 حزيران (يونيو). وقال بوش بعد اللقاء: "أنا متفائل بمصير العالم", مشيراً إلى "دور مهم" تلعبه الأمم المتحدة في العراق. وزاد: "ناقشنا الطرق اللازمة للتأكد من اننا في حال عملنا معاً سيكون الشعب العراقي حراً وتكون بلاده غنية ومثالاً للديموقراطية في الشرق الأوسط".

وأعرب أنان عن اعتقاده بأن "الاستقرار في العراق في مصلحة الجميع, وللأمم المتحدة دوراً تلعبه". وذكر بوجود خلافات حول تشكيل حكومة انتقالية سيعمل فريق المنظمة لحلها. وأكد أن الأمم المتحدة ستسعى مع العراقيين إلى "ايجاد طريق للتقدم", وستتحدث إلى أكبر عدد ممكن منهم لـ"السير في الاتجاه الصحيح".

ووصفت مصادر أميركية أجواء لقاءات أنان في واشنطن مع أركان الإدارة الأميركية بمن فيهم الرئيس بوش, بأنها أجواء "تطلع إلى المستقبل", استناداً إلى "القواسم المشتركة" بين المواقف. وقال مسؤول أميركي, اشترط عدم ذكر اسمه, إن الاجتماعات "لم تكن لاتخاذ القرارات, بل لفتح صفحة جديدة من العمل المشترك" بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة.

وتطرقت المحادثات إلى قضايا العراق والشرق الأوسط والسودان وأفغانستان وقبرص وليبيريا, كما أفادت الناطقة باسم الأمين العام ماري اوغابي.

وهذه أول زيارة لأنان إلى واشنطن بعد موافقته على استعادة دور المنظمة الدولية في العراق, وبعد تقرير الرئيس السابق للمفتشين الأميركيين ديفيد كاي الذي أعلن عدم العثور على أسلحة دمار شامل في العراق.

ووصفت مصادر غربية لقاءات واشنطن أمس بأنها "تعبير لطيف من كل من الطرفين نحو الآخر" في إطار المصالحة بين الإدارة الأميركية والأمانة العامة للمنظمة. وذكرت مصادر أخرى أن المحادثات تطرقت إلى "نواح جوهرية" في العلاقة, لا سيما في الملف العراقي.

وبعد اجتماعه مع الأمين العام, دافع الوزير باول عن قرار خوض الحرب على العراق, قائلاً إن الرئيس بوش "اتخذ القرار الصحيح", مشيراً إلى أن الإدارة لجأت إلى الأمم المتحدة لأن الوقت حان لاتخاذ اجراء. والتقى الأمين العام مستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس وقادة الكونغرس, قبل عودته إلى نيويورك في ختام رحلة إلى أوروبا غيّبته عن مقر الأمم المتحدة أسبوعين.

ويسعى البيت الأبيض, بالتنسيق مع الأمم المتحدة, إلى احتواء تحفظات شديدة من المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني الذي يطالب باجراء انتخابات عامة مبكرة في العراق. وناقش أنان ورايس الترتيبات اللازمة لضمان سلامة مبعوثي المنظمة الدولية الذين سيتوجهون إلى هذا البلد لتقويم إمكانات اجراء الاقتراع.

وقال مسؤولون في الأمم المتحدة إن أنان يصر على أن تكون المنظمة مرجعية لوفدها وليست الإدارة الأميركية.

ويمثل لقاء بوش - أنان تحولاً في الموقف الأميركي الذي كان حتى الشهر الماضي يستبعد دوراً مركزياً للأمم المتحدة في صوغ حكومة عراقية جديدة. ولم تستبعد مصادر مطلعة أن يكون الأمين العام طلب من المسؤولين الأميركيين 600 مليون دولار على مدى عشرين سنة لتمويل إعادة هيكلة المنظمة.

الرئيسية